خلاصة كتاب : لا قواعد على الإطلاق "نتفليكس وثقافة إعادة الابتكار"
خلاصة كتاب
No Rules Rules:
Netflix and the Culture of Reinvention
لا قواعد على الإطلاق : نتفليكس وثقافة إعادة الابتكار
للمؤلفين
ريد هاستينغز
وإيرين ماير
1.مقدّمة
رحلة نتفليكس من المجازفة إلى الريادة
بدأت نتفليكس في عام 1998 كموقع لتأجير أقراص DVD،
طبعا عبر الإنترنت. وبمرور الوقت، تحوّلت بشكل جذري: من بائع أقراص إلى منصة بث في
عام 2007، ثم إلى منتجة حصرية للمحتوى بين 2013 و2015، لتصبح اليوم شركة عملاقة
تغطي أكثر من 190 دولة، وتضم حوالى 230 مليون مشترك بحلول منتصف 2025. هذه الرحلة
غير المسبوقة لم تكن مجرد تطوّر تكنولوجي، بل كانت نتيجة استراتيجية مدروسة تهزّ
جذور إدارتها وثقافتها بعمق، وفق ما سردته ريد هاستينغز (المدير التنفيذي)
وإيرين ماير (أكاديمية الثقافة التنظيمية) في كتابهما.
2.فلسفة "حرية ومسؤولية
أهم محور في ثقافة نتفليكس هو مبدأ
"حرية ومسؤولية". تمنح الشركة موظفيها حرية واسعة في اتخاذ القرارات بدل
طرق الموافقة التقليدية. وفي المقابل، يتحمل الموظف مسؤولية كاملة عن نتائجه. هذه
الثقة المتبادلة تعتمد على افتراض أن الموظف ذكي ورشيق وله خبرة وفهم للسياق
العام، ولا يحتاج رقابة بيروقراطية تجعله يطرح الأسئلة في كل قرار صغير. ببساطة،
"المطلوب هو السياق، ليس الرقابة".
3.تعزيز الفئة الممتازة: "الكثافة المواهبية"
تتبنّى نتفليكس استراتيجية
قوية تُعرف بـ "رفع الكثافة المواهبية" . الفكرة
المركزية تقول إنّ وجود فريق من أصحاب الكفاءات العالية يؤدي إلى بيئة إنتاجية
عالية الجودة، بينما الموظف ذو الأداء الأقل قد يقلل من مستوى المجموعة ككل. يأتي
حفظ الموظف من خلال معيار فريد يوضع للمستوى الرفيع، ويُعرف بـ "اختبار
المرشح المحافظ عليه" هل
ستقاتل لتحافظ عليه؟ إذا كانت الإجابة “لا”، يتم تشجيع
الموظف على الرحيل مع تعويض مريح. وتترافق هذه السياسة مع حزمة رواتب تنافسية جداً
لتضمن احتفاظ الشركة بالنخبة.
4.الصراحة غير المحدودة:
الصراحة في نتفليكس ليست
خيارًا، بل ثقافة مؤسسية أساسية. يتوقع من الموظف أن يقدم ملاحظات بنّاءة دون رغبة
في الإهانة، وأن يتقبّلها بتفهم. تستخدم الشركة أدوات مثل تقارير "Feedback
360" وتقيمات زملاء العمل وبعض القادة دورياً، وتكرّس
اجتماعات "السبب والنتيجة" لتشجيع الصراحة. هذه الثقافة تعطي الثقة بأنه
كلما نُقلت الملاحظات صراحة، نتجنّب تراكم السلبيات المؤذية داخل الشركة.
5.إزالة الرقابة البيروقراطية
عوضًا عن الموافقات المملة والإجراءات البطيئة، تعتمد نتفليكس أسلوب
الحذف الذكي للضوابط، مع تعزيز "السياق" بدل "التصريح". على
سبيل المثال:
- الإجازات: لم
تعد محكومة بعدد معين، فقط تُقبل الافتراضات المنطقية والتزام الموظف
بإنجازات متفق عليها.
- المصاريف: لا
توجد قيود دقيقة على الفئة أو السقف، لكن الموظف يحمّل نفسه مسؤولية التصرف
كما لو أنها أمواله الخاصة.
- المكافآت
والهدايا: تُترك
للتقدير الشخصي، ضمن إطار "أين تأخذ الشركة قيمتها؟".
النتيجة: تسريع اتخاذ القرارات، وزيادة شعور الملكية، وخفض مصاريف
الإدارة، وبناء ثقافة أكثر نضجًا ونضوجًا ذاتيًا.
6.تبنّي المخاطرة والتعلّم من الإخفاق
ثقافة "الرهانات المحسوبة" هي جوهر
العقلية الابتكارية. كل موظف يُمنح حرية طرح أفكار وتجارب، مع احتمال الفشل
والنجاح معًا. ويُشجّع السقوط أمام الجميع لو حصل، وإعادة جمع الدروس للحفاظ على
الذكاء المؤسسي. تُعرف هذه الأخطاء بـ "الأخطاء المرئية". أمثلة على
هذا النهج:
- إطلاق
ميزة تجريبية ثم حذفها إن لم تفِ بالمعايير.
- طرح خدمة
جديدة لفترة قصيرة للاستقصاء وردود الفعل.
بهذه الطريقة، تنمو التعلم الجماعي وتُحافظ الابتكارات على الريادة.
7.مدراء كمرشدين وليس مراقبين
في الثقافة القديمة يتحكم المديرون ويعملون على التدقيق. في نتفليكس،
يقع دور القائد على "المرشد والمدرّب". بدلاً من إصدار القرارات وفرضها،
يشرح القادة السياق، يدعمون الموظفين، يزودونهم بالمعلومات، ويشاركونهم المسؤولية.
يُنظر إلى الموظف كـ "بستاني في حديقته"، يزرع وينمو ويحصد ولا يُراقب
بالإفراط.
8.إعادة الاختراع المستمرة
نتفليكس لم تبقَ ثابتة على نجاحاتها. اتجهت إلى نموذج عالمي وتنوعة
المحتوى وأدخلت نفسه في منافسة شركات عملاقة مثل ديزنىوأمازون برايم
فيديو الطريقة التي نفّذت بها هذا التحول:
1.
دراسة
سوق بث عالمي.
2.
إنتاج
محتوى أصلي حسب ثقافة كل بلد.
3.
التحوّل
الرقمي الكامل من تأجير إلى بث.
4.
إغلاق
جميع نقاط الضعف مبكرًا لتنفيذ خطّة عالمية واحدة.
السر هنا هو اعادة الاختراع بذكاء وبذريعة التطور، وليس التقليد أو
النسخ السطحي.
9.التحديات والانتقادات
رغم النتائج المبهرة، لا يخلو نموذج نتفليكس من
تحدّيات:
- ضغط
الأداء: بيئة
الشركة قائمة على الأداء المستمر، والإقالة على باب الأقصى دائمًا قد تؤثر
سلبًا على روح الفريق.
- معدلات
دوران عالية: رغم
الرواتب السخية، فإن الالتحاق بدوام طويل ليس مضمونًا. يحلل بعض النقاد أن
هذا يجلب التنافسية الزائدة على حساب الاستقرار.
- صعوبة
التبني: فكرة
الصراحة المطلقة وثقافة الإجازات المفتوحة قد تصطدم بثقافات محلية، خاصة في
الشرق الأوسط أو آسيا.
- توائم
محلي/عالمي: كيف تطبّق
الحرية والمسؤولية في بيئات رسمية أو هرمية مثل بعض دول الخليج؟ تحتاج لتوازن
خاص.
نتفليكس نفسها عادت وراوحت بين بعض السياسات الداخلية بعد مراجعات
داخلية عرفت بـ
Culture Memo، لتريح بعض الموظفين وتعزز الانتماء.
الخلاصة: عناصر نموذج نتفليكس
الكتاب يعرض نموذجًا مبادئيًا يتكون من ستة أعمدة:
1.
الكثافة
المواهبية:
اجلب الأفضل، وكلّفهم بأعلى النتائج.
2.
صراحة
بلا مواربة:
ثقّة تنتج عن رأي يُقال بصدق وانتقاد يُستقبل بقبول.
3.
الحرية
مع المسؤولية:
افتح المجال للإبداع، ولكن قرارات كل شخص توضع على المحك.
4.
إزالة
التعقيد الإداري: اجعل النظام بسيطًا، الفعل أسهل.
5.
المخاطرة
والتجريب:
الفكر الجديد، لابدّ من اختبار.
6.
القائد
كمدرب:
لا تدير، أوجّه وساعد.
كيف
تطبّقها في شركتك بالعالم العربي؟
يمكنك اعتماد نموذج نتفليكس بتعديله
ليتناسب مع بيئتك المحلية:
1.
رفع
مستوى فريقك:
حدّد معيارًا صعبًا، واحرص على أن أفراد فريقك ليسوا متوسطين، بل
متميزين. حافظ عليهم برواتب تنافسية وتحفيز شخصي.
2.
تبنّي
"اللقاءات البيانية" قم بجلسات شهرية للحديث عن الأداء بصراحة، مثل
تطبيق "360 درجة" بين الموظفين والمدراء.
3.
إلغاء
الإجازات المقيّدة: ابدأ بالسماح بعدد مفتوح من أيام الإجازة، لكن
اشترط إنجاز الهدف والاتفاق على جدول مشروع قبل الإجازة.
4.
تفويض حر
للقرارات:
خفف من الموافقات المترهلة داخل شركتك الصغيرة أو متوسطة الحجم؛ دع
فرقك تتخذ القرارات بناء على رؤية واضحة.
5.
تراهن
على التجريب والفشل الآمن: خصص ميزانية صغيرة للمشاريع الجانبية وابحث عن ما
ينجح من بينها. سنّ قواعد تشجع على التعلم وليس العقوبة عند الفشل ثم أعد دمج
التجربة الناجحة.
6.
ثقف
القادة كمُرشِدين: لا تجبرهم على السيطرة، بل كقادة يتم تدريبهم
ليفهموا السياق وليساعدوا الموظفين بدلا من مراقبتهم.
الخاتمة
والتوصيات
إن كتاب “قواعد بلا قواعد” يخبرنا
أن الطريق إلى مؤسسة مبتكرة ونشطة وقادرة على التنافس العالمي يبدأ من داخلها. لا
يكفي تغيير المنتج أو السوق—بل يتطلب تغييرًا في التفكير والسلوك اليومي. الشركات
الناشئة العربية قادرة على الاستفادة من هذا النموذج إذا عملت على بناء ثقافة قوية
قائمة على الثقة والمهارة والمسؤولية.
إذا رغبت، يمكنني إعداد خطة تنفيذية مفصلة تتضمّن جدولًا
زمنيًا ومدخلات تنفيذية تطبيقية، معرضة على فرق عملك في داخل شركتك.
تعليقات
إرسال تعليق