خلاصة كتاب : التسعة الكبار


 

خلاصة كتاب

The Big Nine

التسعة الكبار

 مستقبل الذكاء الاصطناعي بين الهيمنة الأمريكية والصينية
لمؤلفه  

إيمي ويب

 

المقدمة

عالمٌ تُشكِّله خوارزميات

يُعتبر كتاب "التسعة الكبار: كيف يمكن لعمالقة التكنولوجيا وآلاتهم المفكرة تشويه الإنسانية" للباحثة المستقبلية إيمي ويب تحذيراً مُبكراً من مستقبلٍ قد تسيطر فيه الشركات التكنولوجية العملاقة على مصير البشرية عبر الذكاء الاصطناعي. تدرس ويب في هذا الكتاب دور تسع شركات—ست أمريكية وثلاث صينية—في تشكيل مسار التكنولوجيا، وتناقش كيف أن مصالحها التجارية قصيرة المدى قد تدفع بالعالم نحو سيناريوهات كارثية. الكتاب ليس مجرد تحليل تقني، بل استكشافٌ عميق لتداعيات اجتماعية، وأخلاقية، وسياسية، واقتصادية للذكاء الاصطناعي، مع تركيز خاص على الصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين.

 

القسم الأول:

 من هم "التسعة الكبار"؟ تفكيك القوة التكنولوجية

1.     الشركات الأمريكية: بين الابتكار والاستغلال

تركز إيمي ويب على ست شركات أمريكية تُهيمن على قطاع الذكاء الاصطناعي:

  • جوجل : تُطور خوارزميات تحكم في نتائج البحث وتؤثر على تدفق المعلومات العالمية. مشروع "ديب مايند" التابع لها يهدف لخلق ذكاء عام اصطناعي (AGI)، لكن مخاوف أخلاقية تُحيط بغياب الشفافية في أبحاثه.
  • أمازون : تتحكم في تجارة التجزئة عبر خوارزميات توصيات المنتجات، وتُسيطر على البنية التحتية السحابية عبر "AWS"، مما يمنحها قوة هائلة في تخزين بيانات الحكومات والشركات.
  • فيسبوك: تُدار منصاته (مثل إنستغرام وواتساب) بخوارزميات تعزز التطرف والانقسام لزيادة التفاعل، كما ظهر في فضائح تسريب البيانات.
  • مايكروسوفت: تستثمر بقوة في الذكاء الاصطناعي عبر خدماتها السحابية، وتتعاون مع الجيش الأمريكي في مشاريع مثيرة للجدل مثل "برجيكت مايفريك.
  • آي بي إم :رائدة في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي للقطاع الصحي والمالي، لكنها تتهم ببيع تقنيات مراقبة لحكومات استبدادية.
  • أبل :تُركّز على دمج الذكاء الاصطناعي في أجهزتها لتعزيز الخصوصية، لكن اعتمادها على مصانع صينية يربطها بنظام عمل استغلالي.

الإشكالية المشتركة: تعمل هذه الشركات في إطار نظام رأسمالي يقدّم الربح على القيم الإنسانية، مع ضعف الرقابة الحكومية. على سبيل المثال، ترفض جوجل الكشف عن تفاصيل تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي خوفاً من المنافسة، حتى لو كانت هذه النماذج تُنتج معلومات مضللة.

2.     الشركات الصينية: ذراع تكنولوجي للحزب الشيوعي

في الصين، تندمج الشركات التكنولوجية الكبرى تماماً مع أهداف الدولة:

  • بايْدو: رائدة في أنظمة التعرف على الصوت والصورة، وتتعاون مع الحكومة في تطوير مدن ذكية تعتمد على المراقبة الشاملة.
  • علي بابا :تُسيطر على التجارة الإلكترونية وتستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بسلوك المستهلكين، كما تُدير نظام "الائتمان الاجتماعي" الذي يراقب تصرفات المواطنين.
  • تينسنت: تمتلك منصة "وي تشات" التي تجمع بيانات مليارات المستخدمين، وتُستخدم لقمع المعارضة عبر رصد المحادثات "المشبوهة".

الفرق الجوهري: بينما تُمارس الشركات الأمريكية نفوذاً غير مباشر على الحكومات، تعمل الشركات الصينية كأدوات مباشرة لتعزيز سلطة الحزب الشيوعي، دون أي اعتبار لخصوصية الأفراد.

 

 

القسم الثاني:

تاريخ الذكاء الاصطناعي: من المختبرات الأكاديمية إلى ساحات التجارة

1.     البدايات: حلم العلماء مقابل واقع التمويل

تعود جذور الذكاء الاصطناعي إلى خمسينيات القرن العشرين، عندما بدأ علماء مثل آلان تورينج وجون مكارثي في طرح أسئلة حول قدرة الآلات على "التفكير". في الستينيات والسبعينيات، كانت الأبحاث تُجرى في جامعات مثل ستانفورد وMIT، بتمويل حكومي يركز على تطبيقات عسكرية. لكن مع انخفاض الدعم الحكومي في الثمانينيات (فترة ما يُعرف بـ"شتاء الذكاء الاصطناعي")، تحول التمويل إلى القطاع الخاص، مما أدى إلى خصخصة التكنولوجيا.

2.     العصر الذهبي: التعلم العميق والبيانات الضخمة

شهد العقد الماضي طفرةً في الذكاء الاصطناعي بفضل ثلاث عوامل:

  • البيانات الضخمة: مع انتشار الهواتف الذكية، أصبحت الشركات تجمع بيانات بالمليارات عن كل تفصيل في حياة المستخدمين.
  • القوة الحاسوبية: تطور معالجات "GPU" التي مكّنت تدريب نماذج معقدة مثل "GPT-3".
  • خوارزميات التعلم العميق: التي تُحسّن نفسها ذاتياً عبر تحليل البيانات.

لكن ويب تشير إلى أن هذه الطفرة حوّلت الذكاء الاصطناعي من أداة علمية إلى سلعة تجارية، حيث تُستخدم التقنيات لاستخراج المزيد من الأرباح بدلاً من حل مشكلات البشرية.

 

 

القسم الثالث:

 التحديات الأخلاقية: عندما تُبرمج التحيزات في الآلات

1.     التحيز الخوارزمي: انعكاسٌ لعيوب البشر

  • تحيز عرقي: في 2018، أظهرت دراسة أن نظام التعرف على الوجه من "أمازون" يفشل في التعرف على وجوه النساء ذوات البشرة الداكنة بنسبة 31%، مقارنةً بنسبة خطأ 0% للرجال البيض.
  • تحيز جندري: خوارزميات التوظيف الذكية تُفضّل المرشحين الذكور لأنها تُدرّب على بيانات تاريخية يهيمن عليها الرجال.
  • تحيز طبقي: أنظمة تحديد "الجدارة الائتمانية" تُعاقب الفقراء لأنها تعتمد على أنماط إنفاق قد تعكس الظروف الاقتصادية الصعبة.

المعضلة: ترفض الشركات تحمل المسؤولية، مُشيرة إلى أن التحيزات موجودة في البيانات المُدخلة، لكنها تتجاهل حقيقة أن هذه البيانات هي انعكاس لمجتمع غير عادل.

2.     الخصوصية: نهاية مفهوم "الحياة الخاصة"

  • التتبع الدائم: تجمع شركات مثل فيسبوك بيانات عن مواقع المستخدمين، وعلاقاتهم، وحتى مشاعرهم عبر تحليل النصوص.
  • الاستغلال التجاري: تُباع هذه البيانات لمعلنين يستهدفون الفئات الضعيفة، مثل مرضى الاكتئاب الذين يتلقون إعلانات عن أدوية مهدئة.
  • المراقبة الحكومية: في الصين، تُدمج بيانات من "تينسنت" و"علي بابا" في أنظمة تمنع المعارضين السياسيين من شراء تذاكر الطائرات أو الحصول على قروض.

3.     مستقبل العمل: عندما تصبح البشرية "زائدة عن الحاجة"

  • الوظائف المهددة: تشير تقديرات إلى أن 40% من الوظائف الحالية—مثل سائقي الشاحنات، المحاسبين، وعمال المصانع—قد تختفي بحلول 2040.
  • التأثير غير المتكافئ: سيُصبِح العمال ذوو المهارات المتدنية—غالباً من الأقليات والفقراء—أول ضحايا الأتمتة، مما يعمق الفجوة الطبقية.
  • الاستجابة الهزيلة: مقترحات مثل "الدخل الأساسي الشامل" تظل نظرية في ظل غياب الإرادة السياسية لتمويلها.

 

القسم الرابع:

 الصراع الجيوسياسي: معركة السيطرة على المستقبل

1.     الولايات المتحدة: الفوضى الخلاقة

  • النموذج الرأسمالي: يُشجع الابتكار الحر، لكنه يسمح للشركات بالتهرب من الضرائب واللوائح. على سبيل المثال، استثمرت جوجل 201 مليون دولار في الضغط السياسي خلال عقد لعركة قوانين خصوصية البيانات.
  • تشرذم السياسات: لا توجد استراتيجية وطنية موحدة للذكاء الاصطناعي، إذ تتنافس الوكالات الحكومية والولايات على جذب استثمارات الشركات.
  • التحدي الديمقراطي: تُهدد خوارزميات التوصية على يوتيوب وفيسبوك بزعزعة الانتخابات عبر نشر المعلومات المضللة.

2.     الصين: الآلة الشمولية

  • الاستثمار الحكومي الضخم: خصصت الصين 150 مليار دولار لخطة 2030 لتصبح الرائدة عالمياً في الذكاء الاصطناعي، مع تركيز على التطبيقات العسكرية والأمنية.
  • نظام الائتمان الاجتماعي: يجمع بين بيانات الشركات والحكومة لمراقبة السلوك الفردي، حيث يُحرم من "حقوق المواطنة" كل من ينتقد النظام.
  • التوسع العالمي: عبر مبادرة "الحزام والطريق"، تُصدّر الصين تقنيات المراقبة إلى دول نامية، مما يخلق تبعية تكنولوجية وسياسية.

3.     أوروبا: المُنظم العاجز

  • محاولات التنظيم: يُعد "القانون العام لحماية البيانات" الأوروبي مثالاً على تشريعات صارمة، لكنه لا يمنع الشركات الأمريكية من استغلال الثغرات.
  • التخلف التكنولوجي: بسبب نقص الاستثمار، تعتمد أوروبا على منصات أمريكية وصينية، مما يحد من سيادتها الرقمية.

 

القسم الخامس:

سيناريوهات 2040: بين اليوتوبيا والديستوبيا

1.     السيناريو المتفائل: تعاونٌ عالمي

  • الشروط: تغيير جذري في priorities الشركات، وتعاون دولي لإنشاء معايير أخلاقية.
  • التطبيقات الإيجابية: ذكاء اصطناعي يُستخدم لمكافحة التغير المناخي (مثل تحسين شبكات الطاقة)، وتطوير أدوية مخصصة بناءً على الجينات.
  • التحديات: يحتاج هذا السيناريو إلى تغيير النظام الاقتصادي العالمي ليكون أقل استغلالاً.

2.     السيناريو الواقعي: انقسامٌ تكنولوجي

  • القطبية: تُسيطر الولايات المتحدة على الذكاء الاصطناعي "المفتوح" الموجه للاستهلاك، بينما تتحكم الصين في الأنظمة "المغلقة" المرتبطة بالدولة.
  • الحرب الباردة الرقمية: تتنافس القوتان على السيطرة على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
  • تأثير على المواطنين: يصبح السفر والدراسة في الخارج أصعب بسبب أنظمة المراقبة المتبادلة.

3.     السيناريو الكارثي: انهيار الإنسانية

  • الاستبداد التكنولوجي: تُدار الحكومات بواسطة خوارزميات تحدد من يُسمح له بالعمل أو الإنجاب، بناءً على "قيمة" الفرد الاقتصادية.
  • الكوارث البيئية: تستمر الشركات في استنزاف الموارد الطبيعية عبر أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة، مُهملةً التحذيرات المناخية.
  • الثورات المضادة: قد تنشأ حركات مسلحة تُحاول تدمير مراكز البيانات، مما يؤدي إلى فوضى عنيفة.

 

القسم السادس:

خارطة الطريق لإنقاذ المستقبل

1.     إصلاح نظام الحوكمة

  • هيئات دولية جديدة: مثل منظمة تعاون تكنولوجي تضم الحكومات، الشركات، والخبراء المستقلين لوضع معايير شاملة.
  • قوانين صارمة: إلزام الشركات بإجراء تدقيقات خارجية للخوارزميات، وفرض غرامات على انتهاكات الخصوصية.
  • إصلاح النظام الرأسمالي: تحويل التركيز من "النمو اللانهائي" إلى "الاستدامة"، عبر فرض ضرائب على الروبوتات لتمويل برامج إعادة التدريب.

2.     تعليم الأجيال القادمة

  • مناهج دراسية جديدة: تدريس الأخلاقيات التكنولوجية في المدارس، وإعداد الطلاب لوظائف مستقبلية في قطاعات مثل الروبوتات الطبية.
  • برامج محو الأمية الرقمية: توعية كبار السن بالفروق بين الخوارزميات والقرارات البشرية، لتجنب الاستغلال.

3.     تمكين المجتمع المدني

  • منصات بديلة: دعم مشاريع الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر التي تُطورها جامعات أو منظمات غير ربحية.
  • حملات مقاطعة: الضغط على الشركات عبر مقاطعة منتجاتها إذا استمرت في انتهاك الخصوصية أو دعم الأنظمة الاستبدادية.

 

الخاتمة:

معركة الوجود الرقمي

تختتم إيمي ويب كتابها بتشبيه قاسٍ: التسعة الكبار هم "الآلهة الجديدة" التي تُشكّل مصيرنا عبر خوارزميات لا نفهمها تماماً. لكنها تُؤكد أن المستقبل ليس محتوماً—فما زال بإمكان البشرية استعادة السيطرة عبر خطوات جريئة:

  1. الوعي الجماعي: فهم كيفية عمل الذكاء الاصطناعي ومخاطره.
  2. التضامن العالمي: رفض الانقسامات الجيوسياسية لمواجهة التحديات المشتركة.
  3. إعادة تعريف التقدم: قياس التطور التكنولوجي ليس بالابتكارات، بل بمدى تحسين الحياة للفئات الأضعف.

الكتاب دعوةٌ لعدم الاستسلام للتقنية، بل لتوجيهها لخدمة الإنسانية—قبل أن تصبح الآلات هي من يوجهنا.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

التوجهات المستقبلية في صناعة المحتوى الرقمي لعام 2025، وما يجب عليك معرفته

الفرق بين العمل عن بُعد والعمل من أي مكان: أيهما يناسبك؟

. كيفية ابتكار محتوى يتجاوز توقعات الجمهور في عالم مزدحم بالمعلومات